الثلاثاء، 10 يناير 2012

{{ صلاة الخوف }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . صلاة الخوف مشروعية صلاة الخوف قال الله " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفةٌ منهم معك وليأخُذُوا أسلحتهُم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفةٌ أخرى لم يُصلُوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهُم * وذّ الّذين كفرُوا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلةٌ واحدة ولا جُناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتُم مرضى أن تضعُوا أسلحتكم وخُذُوا حذركم إن الله أعدّ للكافرين عذاباً مُهيناً " . صدق الله العظيم " . صلاة الخوف (1) أن يكون العدو في غير جهة القبلة فيصلي الإمام في الثنائية بطائفة ركعة ثم ينتظر حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويذهبوا فيقوموا وجاه العدو ثم يأتي الطائفة الأخرى فيصلون معه الركعة الثانية ثم ينتظر حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويسلم بهم . عن صالح ابن خوات عن سهل ابن أبي خيثمة أن طائفة صفت مع رسول الله وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائماً فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم . (2) أن يكون العدو في غير جهة القبلة فيصلي الإمام بطائفة من الجيش ركعة والطائفة الأخرى تجاه العدو ثم تنصرف الطائفة التي صلت معه الركعة وتقوم تجاه العدو وتأتي الطائفة الأخرى فتصلي معه ركعة ثم تقضي كل طائفة لنفسها ركعة . عن ابن عمر قال صلى رسول الله باحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة للعدو ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك ثم صلى بهم رسول الله ركعة ثم سلم ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة . والظاهر أن الطائفة الثانية تتم بعد سلام الإمام من غير أن تنصرف الطائفة الثانية من صلاتها إلى مواجهة العدو . عن ابن مسعود قال ثم سلم وقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا . (3) أن يصلي الإمام بكل طائفة ركعتين فتكون الركعتان الأوليان له فرضاً والركعتان الأخريان له نفلاً ، واقتداء المفترض بالمتنفل جائز . عن جابر أن رسول الله صلى بطائفة من أصحابه ركعتين ثم صلى بآخرين ركعتين ثم سلم . عن جابر قال صلى بنا رسول الله صلاة الخوف فصلى ببعض أصحابه ركعتين ثم سلم ثم تأخروا وجاء الآخرون فكانوا في مقامهم فصلي بهم ركعتين ثم سلم فصار للنبي أربع ركعات وللقوم ركعتان . عن جابر قال كنا مع النبي بذات الرَّقاع وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين فكان للنبي أربع وللقوم ركعتان . (4) صلاة الخوف أن يكون العدو في وجهة القبلة فيصلي الإمام بالطائفتين جميعاً مع اشتراكهم في الحراسة ومتابعتهم له في جميع أركان الصلاة إلا السجود فتسجد معه طائفة وتنتظر الأخرى حتى تفرغ الطائفة الأولى ثم تسجد وإذا فرغوا من الركعة الأولى تقدمت الطائفة المتأخرة مكان الطائفة المتقدمة وتأخرت المتقدمة . عن جابر قال " شهدت مع رسول الله صلاة الخوف فصفنا نصفين خلفه والعدو بيننا وبين القبلة فكبر النبي فكبرنا جميعاً ثم ركع وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف اآخر في نحر العدو فلما قضى النبي السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ثم ركع النبي وركعنا جميعاً ثم رفع رأسه ورفعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي  يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي السجود بالصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي وسلمنا جميعاً " . (5)أن تدخل الطائفتان مع الإمام في الصلاة جميعاً ثم تقوم إحدى الطائفتين بإزاء العدو وتصلي معه إحدى الطائفتين ركعة ثم يذهبون فيقومون في وجاه العدو ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي لنفسها ركعة والإمام قائم ثم يصلي بهم الركعة الثانية ثم تأتي الطائفة القائمة في وجاه العدو فيصلون لأنفسهم ركعة والإمام والطائفة الثانية قاعدون ثم يسلم الإمام ويسلمون جميعاً . عن أبي هريرة قال " صليت مع رسول الله صلاة الخوف عام غزوة نجد فقام إلى صلاة العصر فقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة فكبر فكبروا جميعاً الذين معه والذين مقابل العدو ثم ركع ركعة واحدة وركعت الطائفة التي معه ثم سجد فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابل العدو ثم قام وقامت الطائفة التي معه فذهبوا إلى العدو فقابلوهم وأقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله قائم كما هو ثم قاموا فركع ركعة أخرى وركعوا معه وسجد وسجدوا معه ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله قاعد ومن معه ثم كان السلام فسلم وسلموا جميعاً فكان لرسول الله ركعتان ولكل طائفة ركعتان " . (6) أن تقتصر كل طائفة على ركعة مع الإمام فيكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة . عن ابن عباس أن النبي صلى بذي قرد فصف الناس خلفه صفين صفاً خلفه وصفاً موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا ركعة . عن ابن عباس قال " فرض الله الصلاة على نبيكم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة " . عن ثعلبة ابن زهدم قال " كنا مع سعيد ابن العاص بطبرستان فقال أيكم صلى مع رسول الله ركعة ؟ فقال حذيفة أنا فصلى رسول الله بهولاء صلاة الخوف وبهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا " . (( كيفية صلاة المغرب في الخوف )) صلاة المغرب لا يدخلها قصر ولم يقع في شيء من الأحاديث المروية في صلاة الخوف تعرض لكيفية صلاة المغرب . عند المذهب الحنفي والمذهب المالكي يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعتين ويصلي بالطائفة الثانية ركعة . وأجاز المذهب الشافعي والمذهب الحنبلي أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين لما روي عن علي كرم الله وجهه أنه فعل ذلك . (( الصلاة أثناء اشتداد الخوف )) إذا اشتد الخوف والتحمت الصفوف صلى كل واحد حسب استطاعته راجلاً أو راكباً مستقبلاً القبلة أو غير مستقبلها يومىء بالركوع والسجود كيفما أمكن ويجعل السجود أخفض من الركوع ويسقط عنه من الأركان ما عجز عنه قال ابن عمر وصف رسول الله صلاة الخوف وقال " فإن كان خوف أشد من ذلك فرجالاً وركباناً وهو في البخاري بلفظ فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها " . أن ابن عمر قال فإن كان خوف أكثر من ذلك فصل راكباً أو قائماً توميء إيماء . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الجمعة، 6 يناير 2012

{{ سجود التلاوة }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . سجود التلاوة من قرأ آية سجدة أو سمعها يستحب له أن يكبر ويسجد سجدة ثم يكبر للرفع من السجود وهذا يسمى سجود التلاوة ولا تشهد فيه ولا تسليم . عن ابن عمرقال " كان رسول الله يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا " . (( فضل سجود التلاوة )) عن أبي هريرة قال قال رسول الله " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول ياويله أمر بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار " . (( حكم سجود التلاوة )) سجود التلاوة سنة للقارىء والمستمع . عن عمر أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال ياأيها الناس إنا لم نؤمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه  وفي لفظ إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء . (( مواضع السجود )) مواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعاً . عن عمرو ابن العاص أن رسول الله أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان " . وهي (1) قال الله " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون " سورة الأعراف - آية 206 . (2) قال الله " ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدوّ والآصال " سورة الرعد - آية 15 . (3) قال الله " ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون " سورة النحل - آية 49 . (4) قال الله قل آمنو به أولا تؤمنوا إن اللّذين أوتواالعلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً " سورة الإسراء - آية 107 . (5) قال الله " إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً " سورة مريم - آية 58 . (6) قال الله ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبالُ والشجرُ والدوابُ وكثيرٌ من النّاس وكثيرٌ حقَّ عليه العذاب ومن يُهن الله فمالهُ من مُكرمٍ إنّ الله يفعلُ ما يشاءُ " سورة الحج - آية 18 . (7) قال الله " يأيُّها الذين آمنوا اركعُوا واسجُدوا واعبُدوُا ربكُم وافعلوا الخير لعلّكُمُ تُفلحون " سورةالحج - آية 77 . (8) قال الله " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمُرُنا وزادهُم نُفُورا " سورة الفرقان - آية 60 . (9) قال الله " ألاَّ يسجُدوا لله الَّذي يُخرجُ الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تُخفُون وما تُعلنُون " سورة النمل - آية 25 . (10) قال الله " إنما يُؤمنُ بآياتنا الَّذين إذا ذُكّرُوا بها خرُّوا سُجداً وسبّحُوا بحمد ربّهم وهُم لا يستكبرون " سورة السجدة - آية 15 . (11) قال الله وظنّ داودُ أنّما فتناهُ فاستغفر ربه وخرّ راكعاً وأناب " سورة ص - آية 24 . (12) قال الله " ومن آياته اللّيلُ والنّهارُ والشّمسُ والقمر لا تسجُدُوا للشّمس ولا للقمر واسجُدُوا لله إنّ كُنتُم إياه تعبدُون " سورة فصلت - آية 37 . (13) قال الله " فاسجُدوا لله واعبدُوا " سورة النجم - آية 62 . (14) قال الله " وإذا قُريء عليهم القُرآنُ لا يسجُدُون " سورة الإنشقاق - آية 21 . (15) قال الله " واسجُد واقترب " سورة العلق - آية19 . (( ما يشترط لسجود التلاوة )) اشترط الفقهاء لسجود التلاوة ما اشترطوه للصلاة من طهارة واستقبال قبلة وستر عورة . ليس في أحاديث سجود التلاوةما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئاً وقد كان يسجد مع رسول الله من حضر تلاوته ولم ينقل أنه أمر أحداً منهم بالوضوء ويبعد أن يكونوا جميعاً متوضئين وأيضاً قد كان يسجد معه المشركون وهم انجاس لا يصح وضوؤهم . (( الدعاء في سجود التلاوة )) من سجد سجود التلاوة دعا بما شاء ولم يصح عن رسول الله في ذلك إلا حديث عائشة قالت كان رسول الله يقول في سجود القرآن " سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين " ينبغي أن يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى إذا سجد سجود التلاوة في الصلاة . (( السجود في الصلاة )) يجوز للإمام والمنفرد أن يقرأ آية السجدة في الصلاة الجهرية والسرية ويسجد متى قرأها . عن أبي رافع قال صليت مع أبي هريرة صلاة العتمة أو قال صلاة العشاء فقرأ " إذاالسماء انشقت " فسجد فيها فقلت ياأباهريرة ما هذه السجدة ؟ فقال سجدت فيها خلف رسول الله فلا أزال أسجدها حتى ألقاه . عن ابن عمر أن رسول الله سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر فرأى أصحابه أنه قرأ " آلم تنزيل " سورة السجدة . لا يكره قراءة السجدة للإمام كما لا يكره للمنفرد سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية ويسجد متى قرأها . وقال المذهب المالكي يكره مطلقاً . وقال المذهب الحنفي يكره في السرية أو جهرية. ويستحب تأخير السجود حتى يسلم لئلا يهوش على المأمومين . (( تداخل السجدات )) تتداخل السجدات ويسجد سجدة واحدة إذا قرأ القارىء آية السجدة وكررها أو سمعها أكثر من مرة في المسجد الواحد بشرط أن يؤخر السجود عن التلاوة الأخيرة فإن سجد عقب التلاوة الأولى تكفيه ، وقيل يسجد مرة أخرى لتجدد السبب . (( قضاء سجود التلاوة )) يستحب السجود عقب قراءة آية السجدة أو سماعها فإن أخر السجود لم يسقط مالم يطل الفصل فإن طال يفوت ولا يقضى . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الثلاثاء، 3 يناير 2012

{{ صلاة الاستسقاء }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . صلاة الاستسقاء طلب سقي الماء ومعناه طلبه من الله عند حصول الجدب وانقطاع المطر على وجه من الأوجه الآتية (1) أن يصلي الإمام بالمأمومين ركعتين في أي وقت غير وقت الكراهة ، يجهر في الركعة الأولى بالفاتحة وسبح اسم ربك الأعلى والركعة الثانية بالغاشية بعد الفاتحة ، ثم يخطب خطبة بعد الصلاة أو قبلها فإذاانتهى من الخطبة حوّل المصلون جميعاً أرديتهم بأن يجعلوا ما على أيمانهم على شمائلهم ويجعلوا ما على شمائلهم على أيمانهم ويستقبلوا القبلة ، ويدعوا الله رافعي أيديهم على شمائلهم ويجعلوا ما على شمائلهم على أيمانهم ويستقبلوا القبلة ويدعوا الله رافعي أيديهم مبالغين في ذلك .عن ابن عباس قال خرج رسول الله متواضعاً متبذلاً متخشعاً مترسلاً متضرعاً فصلى ركعتين كما يصلي في العيد لم يخطب خطبتكم هذه . عن عائشة قالت شكا الناس إلى رسول الله قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى ووعد الناس يوماً يخرجون فيه فخرج حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله ثم قال " إنكم شكوتم جدب دياركم وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم " ثم قال " الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين  ، لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم لاإله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغاً إلى حين " ثم رفع يديه فلم يزل يدعو حتى رئي بياض إبطيه ثم حل إلى الناس ظهره وقلب رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلي ركعتين فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت مسجده حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكنّ ضحك حتى بدت نواجذه فقال " أشهد أن الله على كل شيء قدير وإني عبد الله ورسوله " . عن عباد ابن تميم عن عمه عبد الله ابن زيد المازني أن رسول الله خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما " . عن أبو هريرة قال " خرج رسول الله يوماً يستسقي وصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن " . (2) أن يدعو الأمام في خطبة الجمعة ويؤمن المصلون على دعائه . عن شريك عن أنس أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله قائم يخطب فقال يارسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع رسول الله يديه ثم قال " اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا " قال أنس ولا والله مانرى في السماء سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال يارسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا فرفع رسول الله يديه ثم قال " اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر " فأقعلت وخرجنا نمشي في الشمس . (3) أن يدعو دعاء مجرداً في يوم غير الجمعة وبدون صلاة في المسجد أوخارجه . عن ابن عباس قال جاء أعرابي إلى رسول الله فقال يارسول الله لقد جئتك من عند قوم لا يتزود لهم راع ولا يخطر لهم فحل فصعد رسول الله المنبر فحمد الله ثم قال " اللهم اسقنا غيثاً مُغيثاً مريئاً مريعاً طبقاً غدقاً عاجلاٍ غير رائث " ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا قد أحيينا .  عن شرحبيل ابن السّمط أنه قال لكعب ابن مرة ياكعب حدثنا عن رسول الله قال سمعت رسول الله يقول وجاءه رجل فقال استسق الله لمضر فقال " إنك لجريء . . . المضر ؟ قال يارسول الله استنصرت الله فنصرك ودعوت الله فأجابك فرفع رسول الله يديه يقول " اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريعاً مريئاً طبقاً غدقاً عاجلا غير رائث نافعاً غير ضار " فأجيبوا فما لبثوا أن أتوه فشكوا إليه كثرة المطر فقالوا قد تهدمت البيوت فرفع يديه وقال " اللهم حوالينا ولا علينا " فجعل السحاب يتقطع يميناً وشمالاً . عن الشعبي قال خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار فقالوا ما رأيناك استسقيت فقال لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يستنزل به المطر ثم قرأ " استغفروا ربكم إنهُ كان غفاراً يُرسل السماء عليكم مدرارا .وروي عن سالم ابن عبد الله عن أبيه يرفعه إلى رسول الله أنه كان إذا استسقى قال " اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريعاً غدقاً مجللاً عاماً طبقاً سحاً دائماً اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والضنك مالا نشكوه إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدرّ لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا من البلاء مالا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً " . عن سعد أن رسول الله دعا في الاستسقاء " اللهم جلّلنا سحابا كثيفا قصيفا دلوقا ضحوكاً تمطرنا منه رذاذاً قطقطاً سجلاً ياذا الجلال والإكرام " . عن عمر ابن شعيب عن أبيه عن جده قال كان رسول الله إذا استسقى قال " اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك واحي بلدك الميت " . ويستحب عند الدعاء في الاستسقاء رفع ظهور الأكف . عن مسلم عن أنس أن رسول الله استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء . ويستحب عند رؤية المطر أن يقول اللهم صيبا نافعاً ويكشف بعض بدنه ليصيبه ويقول إذا زادت المياه وخيف من كثرة المطر اللهم سُقياً رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم على الظراب ومنابت الشجر اللهم حوالينا ولا علينا. (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .

الأحد، 1 يناير 2012

{{ ميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام } }}

بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . ميلاد المسيح عيسى بن مريم . أن مريم لما جعلتها أمها محررة تخدم بيت المقدس وأنه كفلها زكريا وأنه اتخذ لها محراباً وهو المكان الشريف من المسجد لا يدخله أحد عليها سواه ، أن مريم خاطبتها الملائكة بالبشارة لها باصطفاء الله لها وبأنه سيهب لها ولداً زكياً يكون نبياً طاهراً مكرماً مؤيداً بالمعجزات فتعجبت من وجود ولد من غير والد لأنها لا زوج لها فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على مايشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون فاستكانت لذلك وأنابت وسلمت الأمر لله وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها ، فبينما هي يوماً قد خرجت لبعض شؤونها " وانتبذت " أي انفردت وحدها شرقي المسجد الأقصى إذ بعث الله إليها الروح الأمين جبريل " فتمثل لها بشراً سوياً " فلما رأته " قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً " فخاطبها الملك " قال إنما أنا رسول ربك " أي لست ببشر ولكني ملك بعثني الله إليكى " لأهب لك غلاماً زكياً " أي ولداً زكياً " قالت أنى يكون لي غلام " أي كيف يكون لي غلام " ولم يمسسنى بشر ولم أك بغياً " أي ولست ذات زوج وما أنا ممن يفعل الفاحشة " قال كذلك قال ربك " أي وعد أنه سيخلق منك غلاماً ولست بذات بعل ولا تكونين ممن تبغين " هو علي هين " أي وهذا سهل عليه ويسير لديه فإنه على ما يشاء قدير . وقوله " ولنجعله آية للناس " أي ولنجعل خلقه والحالة هذه دليلا على كمال قدرتنا على أنواع الخلق فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى وخلق حواء من ذكر بلا أنثى وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى وقوله " ورحمة منا " أي نرحم به العباد بأن يدعوهم إلى الله في صغره وكبره في طفوليته وكهوليته بأن يفردوا الله بالعبادة وحده لاشريك له وينزهوه عن اتخاذ الصاحبة والأولاد والشركاء والنظراء والأضداد والأنداد وقوله " وكان أمراً مقضياً " أن هذا أمر قضاه الله وحتمه وقدره وقرره ، " فنفخنا فيه من روحنا " " فحملته " أي فحملت ولدها " فانتبذت به مكاناً قصياً " وذلك لأن مريم لما حملت ضاقت به ذرعاً وعلمت أن كثيراً من الناس سيكون منهم كلام في حقها ، أن مريم لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك زكريا فعرض له ذات يوم في الكلام فقال يامريم هل يكون زرع من غير بذر ؟ قالت نعم فمن خلق الزرع الأول ثم قال فهل يكون ولد من غير ذكر ؟ قالت نعم الله خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى قال لها فأخبريني خبرك فقالت إن الله بشرني " بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين " . قالت مريم كنت إذا خلوت حدثني وكلمني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني ، أنها حملت به تسعة أشهر كما تحمل النساء ويضعن لميقات حملهن ووضعهن " فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً " دليل على جواز تمني الموت عند الفتن وذلك أنه علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها بل يكذبونها حين تأتيهم بغلام على يدها مع أنها قد كانت عندهم من العابدات الناسكات المجاورات في المسجد المنقطعات إليه المعتكفات فيه ومن بيت النبوة والديانة فحملت بسبب ذلك من الهم ما تمنت أن لو كانت ماتت قبل هذا الحال أو كانت " نسياً منسياً " أي لم تخلق بالكلية . وقوله " فناداها من تحتها " وقرىء من تحتها على الخفض وفي الضمير قولان أحدهما أنه جبريل والثاني انه ابنها عيسى وقوله " أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " قيل النهر " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً " فذكر الطعام والشراب ولهذا قال فكلي واشربي وقري عيناً " كانت نخلة مثمرة ، لأن ميلاده كان في زمن الشتاء وليس ذاك وقت ثمر وقد يفهم ذلك من قوله تعالى على سبيل الامتنان " تساقط عليك رطباً جنياً " ليس شيء أجود للنفساء من التمر والرطب ، عن على ابن أبي طالب قال قال رسول الله " أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم وليس من الشجر شيء يلقح غيرها "  . أن رسول الله قال " أطعموا نساءكم الوالد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران " . وقوله " فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا " وهذا من تمام كلام الذي ناداها من تحتها قال " كلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحداً " أي فإن رأيت أحداً من الناس " فقولي " له أي بلسان الحال والإشارة " أني نذرت للرحمن صوما " أي صمتاً وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام ويدل على ذلك قوله " فلن أكلم اليوم إنسيا " فأما في شريعتنا فيكره للصائم صمت يوم إلى الليل . وقوله تعالى " فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً * ياأخت هارون ما كان أبوك امرأسوءٍ وما كانت أُمك بغياً " .أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها " قالوا يامريم لقد جئت شيئاً فرياً " والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة من الفعال والمقال ثم قالوا لها " ياأخت هارون "  الإقتداء ،نسبوها إلى هارون النبي  " ما كان أبوك امرأسوء وما كانت أمك بغياً " أي لست من بيت هذا شيمتهم ولا سجيتهم ولا أخوك ولا أمك ولا أبوك فاتهموها بالفاحشة العظمى ورموها بالداهية الدهياء ، فلما ضاق الحال وانحصر المجال وامتنع المقال عظم التوكل على ذي الجلال ولم يبق إلا الإخلاص والاتكال " فأشارت إليه " أي خاطبوه وكلموه فإن جوابكم عليه وما تبغون من الكلام لديه فعندنا " قالوا " من كان منهم جباراً شقياً " كيف نكلم من كان في المهد صبياً " أي كيف تحيلينا في الجواب على صبي صغير لا يعقل الخطاب وهو مع ذلك رضيع في مهده ولا يميز بين محض وزبده وما هذا منك إلا على سبيل التهكم بنا والاستهزاء والنقص لنا والازدراء إذ لا تردين علينا قولاً نطقياً بل تحيلين في الجواب على من كان في المهد صبياً فعندها " قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً * وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً * وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً * والسلام علّي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حياً " . هذا أول كلام تفوه به عيسى ابن مريم فكان أول ما تكلم به أن " قال إني عبد الله " اعترف لربه بالعبودية وأن الله ربه فنزه جناب الله عن قول الظالمين في زعمهم أنه ابن الله بل هو عبده ورسوله وابن أمته ثم برأ أُمه مما نسبها إليه الجاهلون وقذفوها به ورموها بسببه بقوله " آتاني الكتاب وجعلني نبياً " فإن الله لا يعطي النبوة من هو كما زعموا كما قال الله " وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً " وأخبر عنها أنها صديقة واتخذ ولدها نبياً مرسلاً أحد أُولي العزم الخمسة من الرسل ولهذا قال " وجعلني مباركاً أينما كنت " وذلك أنه حيث كان دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونزه جنابه عن النقص والعيب من اتخاذ الولد والصاحبة تعالى وتقدس " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً * وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً " أي وجعلني براً بوالدتي وذلك أنه تأكد حقها عليه لتمحض جهتها إذ لا والد له سواها فسبحان من خلق الخليقة وبرأها وأعطى كل نفس هداها " ولم يجعلني جباراً شقيا " أي لست بفظ ولا غليظ ولا يصدر مني قول ولا فعل ينافي أمر الله وطاعته " والسلام علّي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً " ثم لما ذكر تعالى قصته على الجلية وبين أمره ووضحه وشرحه قال " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون " يعني من أنه عبد مخلوق من امرأة من عباد الله ولهذا قال " ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون " أي لا يعجزه شيء ولا يكربه ولا يؤوده بل هو القدير الفعال لما يشاء " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " وقوله " أن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " هو من تمام كلام عيسى لهم في المهد أخبرهم أن الله ربه وربهم وإلهه وإلههم وأن هذا هو الصراط المستقيم . عن عبادة ابن الصامت عن رسول الله قال " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " . ((آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .