من مات وعليه صيام أجمع العلماء : على أن من مات وعليه فوائت من الصلاة فإن وليه لا يصلي عنه ، وهو ولا غيره ، وكذلك من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد أثناء حياته .فإن مات وعليه صيام وكان قد تمكن من صيامه قبل موته فقد اختلف الفقهاء في حكمه . فذهب جمهور العلماء منهم أبو حنيفة ، ومالك ، والمشهور عن الشافعي : إلى أن وليه لا يصوم عنه ويطعم عنه مداً ، عن كل يوم " . والمذهب المختار عند الشافعية : أنه يستحب لوليه أن يصوم عنه ، ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى طعام عنه . والمراد بالولي ، القريب ، سواء كان عصبة ، أو وارثاً ، أو غيرها . ولو صام أجنبي عنه ، صحَّ إن كان بإذن الولي ، وإلا فإنه لا يصح . واستدلوا بما رواه أحمد ، والشيخان ، عن عائشة : أن رسول الله قال " من مات وعليه صيام صام عنه وليه " صدق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . زاد البزار لفظ : إن شاء . وروي أحمد ، وأصحاب السنن : عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال يارسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها ؟ فقال " لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ قال : نعم . قال : فدين الله أحق أن يقضى . صدق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قال النووي : وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده وهو الذي صححه محققوا أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة . (( التقدير في البلاد التي يطول نهارها ويقصر ليلها )) اختلف الفقهاء في التقدير في البلاد التي يطول نهارها ويقصر ليلها والبلاد التي يقصر نهارها ويطول ليلها على أي البلاد يكون ؟ فقيل يكون التقدير على البلاد المعتدلة التي وقع فيها التشريع كمكة والمدينة على أقرب بلاد معتدلة إليهم . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )).
قضاء رمضان لا يجب على الفور ، بل يجب وجوباً في أي وقت ، وكذلك الكفارة ، فقد صح عن عائشة أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان ولم تكن تقضيه فوراً عند قدرتها على القضاء . والقضاء مثل الأداء ، بمعنى أن من ترك أياماً يقضيها دون أن يزيد عليها . ويفرق القضاء الأداء ، أنه لا يلزم فيه التتابع ، لقول الله " ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدَّةٌ من أيام أخر " أي ومن كان مريضاً ، أو مسافراً فأفطر ، فليصم عدة أيام ، التي أفطر فيها ، في أيام أُخر متتابعات ، أو غير متتابعات ، فإن الله أطلق الصيام ولم يقيده . عن ابن عمر أن رسول الله قال في قضاء رمضان " إن شاء فرق ، وإن شاء تابع " .صدق رسول الله .* وإن أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر , صام رمضان الحاضر ، ثم يقضي بعده ما عليه , ولا فدية عليه , سواء كان التأخير لعذر , أو لغير عذر وهذا مذهب الأحناف والحسن البصري . ووافق مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والأحناف ، في أنه لا فدية عليه ، إذا كان التأخير بسبب العذر . وخالفوهم فيما إذا لم يكن له عذر في التأخير ، فقالوا عليه أن يصوم رمضان الحاضر ثم يقضي ما عليه بعده ، ويفدي عما فاته عن كل يوم مداً من طعام . وليس لهم في ذلك دليل يمكن الاحتجاج به . فالظاهر ما ذهب إليه الأحناف ، فإنه لا شرع إلا بنص صحيح . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .