(( تلخيص الأعمال المباحة في الصلاة )) كان رسول الله يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة فإذا سجد غمزها بيده فقبضت رجلها وإذا قام بسطتها ، وكان رسول الله يصلي فجاءه الشيطان ليقطع عليه صلاته فأخذه فخنقه حتى سال لعابه على يده ، وكان يصلي إلى جدار فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه ، وكان رسول الله يصلى فجاءته جاريتان من بني عبد المطلب قد اقتتلتا فأخذهما بيده فنزع إحداهما من الأخرى وهو في الصلاة ، ولفظ أحمد فيه : فأخذتا بركبتي النبي صلى الله عليه وسلم فنزع بينهما أو فرّق بينهما ولم ينصرف ، وكان يصلي فمر بين يديه
غلام فقال بيده هكذا فرجع ومرت بين يديه جارية فقال بيده هكذا ، فمضت فلما صلى رسول الله قال " هن أغلب " ذكره الإمام أحمد وهو في السنن . وكان ينفخ في صلاته . وأما حديث النفخ في الصلاة كلام ، فلا أصل له عن رسول الله وإنما رواه سعيد في سننه عن ابن عباس في قوله إن صح ، وكان يبكي في صلاته ، وكان يتنحنح في صلاته . قال علي ابن أبي طالب : كان لي من رسول الله ساعة آتيه فيها ، فإذا أتيته استأذنت فإن وجدته يصلي تنحنح فدخلت وإن وجدته فارغاً أذن لي . ذكره النسائي وأحمد ولفظ أحمد كان لي من رسول الله مدخل من الليل والنهار وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح . رواه أحمد وعمل به فكان يتنحنح في صلاته ولا يرى النحنحة مبطلة للصلاة ، وكان يصلي حافياً تارة ومنتعلاً أخرى كذا قال عبد الله ابن عمر ، وأمر بالصلاة بالنعل مخالفة لليهود ، وكان يصلي في الثوب الواحد وفي الثوبين تارة، وهو أكثر . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
يباح في الصَّلاة (( البكاء والتأوة والأنين )) سواء أكان ذلك من خشية الله أم كان لغير ذلك كالتأوه من المصائب والأوجاع مادام عن غلبة بحيث لا يمكن دفعه . قال الله " إذا تُتلى عليهم آياتُ الرّحمن خرُّوا سُجَّدّاً وَبُكياً " . والآية تشمل المصلي وغيره . عن عبدالله ابن الشّخير قال : رأيت رسول الله وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء " . وقال علي : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ابن الأسود ، ولقد رأيتنا وما فينا قائم إلا رسول الله تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح . عن عائشة في حديث مرض رسول الله الذي توفي فيه أن رسول الله قال " مروا أبابكر أن يصلي بالناس ، قالت عائشة يارسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه وإنه إذا قرأ القرآن بكى ، قالت وما قلت ذلك إلا كراهية أن يتأثم الناس بأبي بكر أن يكون أول من قام مقام رسول الله فقال " مروا أبابكر فليصل بالناس إنكن صواحب يُوسف " . وفي تصميم الرسول على صلاة أبي بكر بالناس مع أنه أخبر أنه إذا قرأ غلبه البكاء دليل على الجواز . وصلى عمر صلاة الصبح وقرأسورة يوسف حتى بلغ إلى قول الله " إنَّمَا أشكُوا بَثِّي وحُزني إلى الله " ، فسمع نشيجُهُ " . وفي رفع عمر صوته بالبكاء رد على القائلين بأن البكاء في الصلاة مبطل لها إن ظهر منه حرفان سواء أكان من خشية الله أم لا ، وقولهم إن البكاء إن ظهر منه حرفان يكون كلاماً غير مُسلَّم فالبكاء شيء والكلام شيء آخر . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
يباح في الصَّلاة (( الالتفات عند الحاجة )) عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي يلتفت يميناً وشمالاً ولا يلوي عنقه خلف ظهره " . رويأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يصلي وهو يلتفت إلى الشّعب ، قال أبو داود : وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس " . عن أنس ابن سيرين قال رأيت أنس ابن مالك يستشرف لسيء وهو في الصلاة ، ينظر إليه " . فإن كان الإلتفات لغير حاجة كره تنزيهاً لمنافاة الخشوع والإقبال على الله " . عن عائشة قالت : سألت رسول الله عن التلفت في الصلاة فقال " اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " . عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً " يالأيها الناس إياكم والالتفات فإنه لا صلاة للمتلفت ، فإن غلبتم في التطوع فلا تُغلبنَّ في الفرائض " . عن أنس قال قال لي رسول الله " إياك والإلتفات في الصلاة فإن الإلتفات في الصلاة هلكة ، فإن كان ولابد ففي التطوع لا في الفريضة " . وفي حديث الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله أمر يحيى ابن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها فيه : وغن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته مالم يلتفت " . عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يزال الله مقبلاً على العبد وهو في صلاته مالم يلتفت فإذا إلتفت انصرف عنه " . هذا كله في الإلتفات بالوجه أما الإلتفات بجميع البدن والتحول به عن القبلة فهو مبطل للصلاة إتفاقاً للإخلال بواجب الإستقبال . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
يباح في الصَّلاة :(( المشي اليسير لحاجة )) عن عائشة قالت كان رسول الله يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فاستفتحت فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه ووصفت أن الباب في القبلة " . ومعنى أن الباب في القبل، أي جهتها فهو لم يتحول عن القبلة حينما تقدم لفتح الباب وحينما رجع إلى مكانه . ويؤيد هذا ما جاء عنها أنه كان يصلي فإذا استفتح إنسان الباب فتح الباب ما كان في القبلة أو عن يمينه أو يساره ولا يستدبرُ القبلة ، . عن الأزرق ابن قيس قال كان أبو برزة الأسلمي بالأهواز على حرف نهر وقد جعل اللجام في يده وجعل يصلي فجعلت الدابة تنكص وجعل يتأخر معها ، فقال رجل من الخوارج ، اللهم اخز هذا الشيخ كيف يصلي ؟ فلما صلى قال قد سمعت مقالكم ، غزوت مع رسول الله ستاً لأو سبعاً أو ثمانياً فشهدت أمره وتيسيره ، فكان رجوعي مع دابتي أهون عليَّ من تركها فتنزع إلى مألفها فيشق عليَّ ، وصلى لأبو برزة العصر ركعتين . ، وأما المشي الكثير فقد أجمع الفقهاء على أن المشي الكثير في الصلاة المفروضة يبطلها ، فيحمل حديث أبي برزة على القليل . ما يباح في الصَّلاة (( قتل الحية والعقرب والزنابير ونحوذلك من كل ما يضر وإن أدى قتلها إلى عمل كثير )) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اقتلوا الأسودين في الصلاة : الحية والعقرب " . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
يباح في الصَّلاة حمل الصبي وتعلقه بالمصلي : عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، صلى وأمامةُ بنت زينب ابنه النبي صلى الله عليه وسلم على رقبته فإذا ركع وضعها وإذا قام من سجوده أخذها فأعادها على رقبته ، فقال عامر ولم أسأله : أيُّ صلاة هي ؟ قال ابن جريج وحدثت عن زيد ابن أبي عتاب عن عمرو ابن سليم أنها صلاة الصبح ، قال أبو عبد الرحمن جوَّده ، أي جود ابن جريج إسناد الحديث الذي فيه أنها صلاة الصبح . وكأن السر في حمله صلى الله عليه وسلم أمامة في الصلاة دفعاً لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول . ، عن عبد الله ابن شداد عن أبيه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاة العشِيِّ ، الظهر أو العصر ، وهو حامل حسن أو الحُسين ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها قال إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله الصلاة قال الناس يارسول الله إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك ؟ قال " كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجلهُ حتى يقضي حاجته " . مذهب الشافعي ، أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرها من الحيوان الطاهر في صلاته الفرض وصلاة النفل ، يجوز ذلك لإمام والمأموم وحمله أصحاب مالك على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة وهذا التأويل فاسد لأن قوله يؤم الناس صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة ، وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة ، وكل هذا مردود ولا دليل عليها ، بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع ، لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه لكونه في معدته ، وثياب الأطفال تحمل على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت ، وفعل النبي هذا بياناً للجواز . (( آخردعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
يباح في الصَّلاة : (( إلقاء السلام على المصلي ومخاطبته وأنه يجوز له أن يرد بالإشارة على من سلم عليه أو خاطبه )) عن جابر ابن عبد الله قال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلقً إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال بيده هكذا ، ثم كلمته فقال بيده هكذا أشار به وأنا أسمعه يقرأ ويُومِىءُ برأسه . فلما فرغ قال " ما فعلت في الذي أرسلتك فإنه لم يمنعني من أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي ؟ " . عن عبد الله ابن عمر عن صهيب أنه قال : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت فردَّ علي إشارة ، وقال لا أعلمه إلا قال إشارة بإصبعه " . عن صهيب قال قلت لبلال كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون في الصلاة ؟ قال كان يشير بيده " . عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة " . ويستوي في ذلك الإشارة بالأصبع أو باليد جميعها أو بالإيماء بالرأس فكل ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالميِن )) .
ما يباح في الصَّلاة , التسبيح والتصفيق ، يجوز التسبيح للرجال والتصفيق للنساء إذا عرض أمر من الأمور كتنبيه الإمام إذا أخطأ وكالإذن للداخل أو الإرشاد للأعمى أو نحو ذلك . عن سهل ابن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم " منابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله ، إنما التصفيق للنساء ، والتسبيح للرجال " . (( مايباح في الصَّلاة ، الفتح على الإمام )) إذا نسي الإمام آية يفتح عليه المؤتم فيذكره تلك الآية سواء كان قرأ القدر الواجب أم لا . عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، صلى صلاة فقرأ فيها فالتبس عليه فلما فرغ قال لأبي " أشهدت معنا ؟ قال ، نعم ، قال " فما منعك أن تفتح علي ؟ " .(( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمِين )) .
مايباح في الصَّلاة ، (( حمد الله عند العطاس أو عند حدوث نعمة )) عن رافعة ابن رافع قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال " من المتكلم في الصلاة ؟ " فلم يتكلم أحد ثم قال الثانية فلم يتكلم أحد ثم قال الثالثة ، فقال ررفاعة : أنا يارسول الله فقال والذي نفس محمد بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكاً أيهم يصعد بها " . (( ما يباح في الصَّلاة ، السجود على ثياب المصلي أو عمامته لعذر )) عن ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ، صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها " . فإن كان لغير عذر كره . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
ما يباح في الصلاة ، (( شغل القلب بغير أعمال الصلاة . ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا نوي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان ، فإذا قضى الأذان أقبل ، فإذا ثُوّب بها أدبر ، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى ، فإن لم يدر أحدكم ثلاثاً صلى أم أربعاً فليسجد سجدتين وهو جالس " . قال البخاري : قال عمر : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة . ومع أن الصلاة في هذه الحالة صحيحة مجزئة فإنه ينبغي للمصلي أن يُقبل بقلبه على ربه ويصرف عنه الشواغل بالتفكير في معني الآيات والتفهم لحكمه كل عمل من أعمال الصلاة فإنه لا يكتب للمرء من صلاته إلا ما عقل منها . فعند أبي داود والنسائي وابن حبان عن عمار ابن ياسر قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته ، تسعها ، ثمنها ، سبعها ، سدسها ، خمسها ، ربعها ، ثلثها ، نصفها " . روى البزار عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل " إنما أتقبلُ الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها خلقي ولم يبت مصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس ، أكلؤه بعزتي ، وأستحفظه ملائكتي ، أجعل له في الظلمة نوراً وفي الجهالة حلماً ، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة " . وروى أبو داود عن زيد ابن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن وضوءه ، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه " . روى مسلم عن عثمان ابن أبي العاص قال قلت : يارسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يُلبّسُها عليّ فقال صلى الله عليه وسلم " ذاك شيطان يقال له خنزب فاذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً " قال ففعلت فأذهبه الله عني . عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، قال الله عزوجل " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال " الحمدُ لله ربّ العالمين " قال الله حمدني عبدي ، وإذا قال " الرحمن الرحيم " قال الله " أثنى علي عبدي " وإذا قال " مالك يوم الدين " قال الله مجدني عبدي وفوض إلىّ عبدي ، وإذا قال " إياك نعبد وإياك نستعين " قال الله هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .
ما يباح في الصَّلاة (( القراءة من المصحف )) فإن ذكوان مولى عائشة كان يؤمها في رمضان من المصحف ، رواه مالك ، وهذا مذهب الشافعية ، قال الإمام النووي : ولو قلب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل ولو نظر في مكتوب غير القرآن وردد ما فيه في نفسه لم تبطل صلاته وإن طال ، لكن يكره . (( آخر دعوانا الحمدُ لله ربِّ العالمين )) .