بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . صلاة الجماعة سنة مؤكدة ، ورد في أفضلها أحاديث (1) عن ابن عمر أن رسول الله قال " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذٌ بسبع وعشرين درجة " . (2) عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله " صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمساً وعشرين ضعفاً وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام في مصلاه مالم يحدث ، اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة " . (3) عن أبي هريرة قال ، أتى النبي رجل أعمى فقال يارسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولي دعاه فقال له " هل تسمع النداء بالصلاة " قال نعم قال " فأجب " . (4) عن أبي هريرة أن رسول الله قال " والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالفه إلى رجال فأحرّق عليهم بيوتهم " . (5) عن ابن مسعود قال " من سره أن يلقي الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتي به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف " . أن رسول الله علمنا سنن الهدى , الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه . (6) عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول " ما من ثلاثة في قرية ولا بدولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " . (1)(( حضور النساء صلاة الجماعة في المساجد وفضل صلاتهن في بيوتهن ))يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة بشرط أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والطيب . عن ابن عمر أن رسول الله قال " لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهن " . عن أبي هريرة أن رسول الله قال " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات " . عن أبي هريرة قال قال رسول الله " أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " . والأفضل لهن الصلاة في بيوتهن ، عن أم حُميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله فقالت يارسول الله إني أحب الصلاة معك فقال " قد علمت وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة " . (2) (( استحباب الصلاة في المسجد الأبعد والكثير الجمع )) يستحب الصلاة في المسجد الأبعد الذي يجتمع فيه العدد الكثير . عن أبي موسى قال قال رسول الله " إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى " . عن جابر قال خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله فقال " إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد " ؟ ! قالوا نعم يارسول الله قد أردنا ذلك فقال " يابني سلمة دياركم تكتب آثاركم " . عن أبي كعب قال قال رسول الله " صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى " . (3) (( استحباب السعي إلى المسجد بالسكينة )) يندب المشي إلى المسجد مع السكينة والوقار ويكره الإسراع والسعي لأن الإنسان في حكم المصلي من حين خروجه إلى الصلاة . عن أبي قتادة قال بينما نحن نصلي مع رسول الله إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال " ما شأنكم " ؟ قالوا اسعجلنا إلى الصلاة قال " فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " . عن أبي هريرة عن النبي قال " إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولاتسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " . (4) (( استحباب تخفيف الإمام )) يندب للإمام أن يخفف الصلاة بالمأمومين ، عن أبي هريرة أن رسول الله قال " إذا صلى أحدكم بالناس فليخفّف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير فإذا صلى لنفسه فليطوّل ما شاء " . عن أنس عن النبي قال " إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه " . عن أنس قال ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله . ، التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه مندوب عند العلماء إليه إلا أن ذلك إنما هو أقل الكمال وأما الحذف والنقصان فلا فإن رسول الله قد نهى عن نقر الغراب ورأى رجلاً يصلي فلم يتم ركوعة فقال له " ارجع فصل فإنك لم تصلى " وقال " لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده " . لا أعلم خلافاً بين أهل العلم في استحباب التخفيف لكل من أمَّ قوماً على ما شرطنا من الإتمام . روى عمر أنه قال لا تبغّضوا الله إلى عباده يطوّل أحدكم في صلاته حتى يشق على من خلفه . (5) (( إطالة الإمام الركعة الأولى وانتظار من أحسَّ به داخلاً ليدرك الجماعة )) يشرع للإمام أن يطول الركعة الأولى انتظاراً للداخل ليدرك فضيلة الجماعة كما يستحب له انتظار من أحسَّ به داخلاً وهو راكع أو أثناء القعود الأخير ففي حديث أبي قتادة أن رسول الله كان يطول في الأولى قال فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى . وعن أبي سعيد قال لقد كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله في الركعة الأولى مما يطولها . (6) (( وجوب متابعة الإمام وحرمة مسابقته )) تجب متابعة الإمام وتحرم مسابقته . عن أبي هريرة أن رسول الله قال " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون " . " إنما جُعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد " . عن أبي هريرة قال قال رسول الله " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يحول الله صورته صورة حمار " . عن أنس قال قال رسول الله " أيه الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف " . عن البراء ابن عازب قال كنا نصلي مع رسول الله فإذا قال سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يضع رسول الله جبهته على الأرض " . (7) (( انعقاد الجماعة بواحد مع الإمام ))تنعقد الجماعة بواحد مع الإمام ولو كان أحدهما صبياً أو امرأة . عن ابن عباس قال بتُّ عند خالتي ميمونة فقام رسول الله يصلي من الليل فقمت أصلي معه فقمت عن يساره فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه " . عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا قال رسول الله" من استيقظ من الليل فأيقظ أهله فصليا ركعتين جمعاً كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات " . عن أبي سعيد أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله بأصحابه فقال رسول الله " من يتصدق على ذا فيصلي معه " ؟ فقام رجل من القوم فصلى معه . (8) (( جواز انتقال الإمام مأموماً )) يجوز للإمام أن ينتقل مأموماً إذا استخُلف فحضر الإمام الرَّاتب ، . عن سهل ابن سعد أن رسول الله ذهب إلى بني عمرو ابن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذّن إلى أبي بكر فقال أتصلي بالناس فآقيم ؟ قال نعم قال فصلى لأبو بكر فجاء رسول الله والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف لبصف فصفق الناس وكان أبوبكر لا يلتفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله فأشار إليه رسول الله أن أمكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله من ذلك ثم أستأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي فصلى ثم انصرف فقال " ياأبابكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ؟ فقال أبوبكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله فقال رسول الله " مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق ؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنماالتصفيق للنساء " . (9) (( إدراك الإمام )) من أدرك الإمام كبر تكبيرة الإحرام قائماً ودخل معه على الحالة التي هو عليها ولا يعتمد بركعة حتى يدرك ركوعها سواء الركوع بتمامه مع الإمام أو انحنى فوصلت يداه إلى ركبتيه قبل رفع الإمام ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله " إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدُّوها شيئاً ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة " .والمسبوق يصنع مثل ما يصنع الإمام فيقعد معه القعود الأخير ويدعو ولا يقوم حتى يسلم ويكبر إذا قام لإتمام ما عليه . (10) (( أعذار التخلف عن الجماعة )) يرخص التخلف عن الجماعة عند حدوث حالة من الحالات الآتية 1 ، 2 - حالة البرد أو المطر ، عن ابن عمر عن النبي أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة ينادي " صلوا في رحالكم في الليلة الباردة المطيرة في السفر " . عن جابر قال خرجنا مع رسول الله في سفر فمطرنا فقال " ليصل من شاء منكم في رحله " . عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت " أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم قال فكأن الناس استنكروا ذلك فقال أتعجبون من ذا ؟ فقد فعل ذا من هو خير مني النبي صلى الله عليه وسلم أن الجماعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدّحض " . أن ابن عباس أمر مؤذنه في يوم جمعة في يوم مطير ، ومثل البرد الحر الشديد والظلمة والخوف من ظالم . (3) حضور الطعام ، عن ابن عمر قال قال النبي " إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقمت الصلاة " . (4) مدافعة الأخبثين " . (5) عن أبي الدرداء قال " من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ " . (11) (( الأحق بالإمامة )) الأحق بالإمامة الأقرأ لكتاب الله فإن استووا في القراءة فالأعلم بالسنة فإن استووا فالأقدم هجرة فإن استووا فالأكبر سناً . (أ) عن أبي سعيد قال قال رسول الله " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم " . " ليؤمكم أكثركم قرآناً " . (ب) عن ابن مسعود قال قال رسول الله " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقمهم سناّ ولا يؤمنّ الرجالُ الرجال في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه " . ومعنى هذا أن السلطان وصاحب البيت والمجلس وإمام المجلس أحق بالإمامة من غيره مالم يأذن واحد منهم . فعن أبي هريرة عن النبي قال " لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤمّ قوماً إلا بإذنهم ولا يخصّ نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم " . (12) (( من تصح إمامتهم )) تصح إمامة الصبي المميز والأعمى والقائم بالقاعد والقاعد بالقائم والمفترض بالمتنفل والمتنفل بالمفترض ، والمتوضىء بالمتيمم ، والمتيمم بالمتوضىء ، والمسافر بالمقيم والمقيم بالمسافر ، والمفضول بالفاضل فقد صلى عمرو ابن سلمة بقومه وله من العمر سبع سنين واستخلف رسول الله ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلى بهم وهو أعمى وصلى رسول الله خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعداً وصلى في بيته جالساً وهو مريض وصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً وراءه " . كان معاذ يصلي مع النبي عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة فكانت صلاته له تطوعاً ولهم فريضة العشاء . عن محجن ابن الأدرع قال أتيت النبي وهو في المسجد فحضرت الصلاة فصلى ولم أصل فقال لي ألا تصلي ؟ قلت يارسول الله إني قد صليت في الرّحل ثم أتيتك قال إذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة . رأى رسول الله رجلاً يصلي وحده فقال " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه " . وصلى عمرو ابن العاص إماماً وهو متيمم وأقره الرسول على ذلك وصلى رسول الله بالناس بمكة زمن الفتح ركعتين ركعتين إلا المغرب وكان يقول ياأهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قومٌ سفرٌ . وإذا صلى المسافر خلف المقيم أتى الصلاة أربعاً ولو أدرك معه أقل من ركعة ، عن ابن عباس أنه سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟ فقال تلك السنة . وفي لفظ أنه قال له موسى ابن سلمة إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً وإذا رجعنا صلينا ركعتين فقال تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . (13) (( من لا تصح إمامتهم ))لا تصح إمامة معذور لصحيح ولا لمعذور مبتلي بغير عذره عند جمهور العلماء وقال المالكية تصح إمامته للصحيح مع الكراهة . (14) (( إستحباب إمامة المرأة للنساء )) فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تؤم النساء وتقف معهن في الصف وكانت أمُّ سلمة تفعله وجعل رسول الله لأم ورقة مؤذناً يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها في الفرائض . (15) (( كراهة إمامة الفاسق والمبتدع )) روى البخاري أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج . عن السائب ابن خلاد أن رجلاً أمَّ قوماً فبصق في القبلة ورسول الله ينظر إليه فقال رسول الله " لا يصلي لكم " فأراد بعد ذلك أن يصلي بهم فمنعوه وأخبروه بقول النبي فذكر ذلك للنبي فقال " نعم إنك آذيت الله ورسوله " . (17) جواز مفارقة الإمام لعذر )) يجوز لمن دخل الصلاة مع الإمام أن يخرج منها بنية المفارقة ويتمها وحده إذا أطال الإمام الصلاة ويلحق بهذه الصورة حدوث مرض أو خوف ضياع مال أو تلفه أو فوات رفقة أو حصول غلبة نوم . عن جابر كان معاذ يصلي مع رسول الله صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم فأخر النبي العشاء فصلى معه ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له نافقت يافلان قال مانافقت ولكن لآتينَّ رسول الله فأخبره فأتى رسول الله فذكر له ذلك فقال رسول الله " أفتَّان أنت يامعاذ أفتان أنت يا معاذ اقرأسورة كذا وكذا " . (18) (( ما جاء في إعادة الصلاة مع الجماعة )) عن يزيد ابن الأسود قال صلينا مع رسول الله الفجر بمنى فجاء رجلان حتى وقفا على رواحاهما فأمر رسول الله فجيء بهما ترعدُ فرائصهما فقال لهما " ما منعكما أن تصليا مع الناس ألستما مسلمين " ؟ قالا " بلى يارسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا " . فقال لهما " إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما الإمام فصليا معه فإنها لكما نافلة " . ورواه النسائي والترمذي بلفظ " إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة " . ففي هذاالحديث دليل على مشروعية إعادة الصلاة بنية التطوع لمن صلى الفرض في جماعة أو منفرداً إذا أدرك جماعة أخرى في المسجد وقد روي أن حذيفة أعاد الظهر والعصر والمغرب وقد كان صلاهما في جماعة ، روي عن أنس أنه صلى مع أبي موسى الصبح في المربد ثم انتهيا إلى المسجد الجامع فأقيمت الصلاة فصليا مع المغيرة ابن شعبة وأما قول الرسول في الحديث " لا تصلوا صلاة في يوم مرتين " . أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ فيعيدها على الفرض أيضاً وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبي في أمره بذلك من إعادة الصلاة في اليوم مرتين لأن الأولى فريضة والثانية نافلة فلا إعادة حينئذ . (19) (( استحباب انحراف الإمام عن يمينه أو شماله بعد السلام ثم انتقاله من مصلاه )) عن قبيصة ابن هلب عن أبيه قال كان رسول الله يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعاً على يمينه وعلى شماله . عن عائشة أن رسول الله كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذاالجلال والإكرام " . عن أم سلمة قالت " كان رسول الله إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مكانه يسيراً قبل أن يقوم قالت فنرى والله أعلم ، أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال " . (20) (( علو الإمام أو المأموم )) يكره أن يقف الإمام أعلى من المأموم ، عن أبي مسعود الأنصاري قال " نهى رسول الله أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه " . يعني أسفل منه ، عن همام ابن الحارث أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن على دكان فأخذ ابن مسعود بقميصه فجبذه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال بلى فذكرت حين جذبتني . ، فإن كان للإمام غرض من ارتفاعه على المأموم فإنه لا كراهة حينئذ . عن سهل ابن سعد الساعدي قال " رأيت رسول الله جلس على المنبر أول يوم وُضع فكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقري وسجد في أصل المنبر ثم عاد فلما فرغ أقبل على الناس فقال " أيهاالناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتي " . وأما ارتفاع المأموم على الإمام فجائز . عن أنس أنه كان يجمع في دار أبي نافع عن يمين المسجد في غرفة قدر قامة منها لها باب مُشرف على المسجد بالبصرة فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام ، وسكت عليه الصحابة . وأما ارتفاع المؤتم فان كان مفرطاً بحيث يكون فوق ثلاثمائة ذارع على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإمام فهو ممنوع بالإجماع من غير فرق بين المسجد وغيره ، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع ويعضد هذاالأصل فعل أبي هريرة المذكور ولم ينكر عليه " . (21) (( اقتداء المأموم بالإمام مع الحائل بينهما )) يجوزااقتداء المأموم بالإمام وبينهما حائل إذا علم انتقالاته برؤية أوسماع . يأتم بالإمام وإن كان بينهما طريق أوجدار إذا سمع تكبيرة الإحرام . (22) (( حكم الائتمام بمن ترك فرضاً )) تصح إمامة من أخلَّ بترك شرط أو ركن إذا أتم المأموم وكان غير عالم بما تركه الإمام ، لحديث أبي هريرة أن رسول الله قال " يُصلون بكم فان أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم " . عن سهل قال سمعت رسول الله يقول " الإمام ضامن فإن أحسن فله ولهم وإن أساء فعليه " . يعني ولا عليهم ، وصح عن عمر أنه صلى بالناس وهو جُنُب ولم يعلم فأعاد ولم يعيدوا . (( الاستخلاف )) إذا عرض للإمام وهو في الصلاة عذر كأن ذكر أنه محدث أو سبقه الحدث فله أن يستخلف غيره ليكمل الصلاة بالمأمومين . عن عمرو ابن ميمون قال إني لقائم ما بيني وبين عمر غداة أصيب إلا عبد الله ابن عباس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه وتناول عمر عبد الرحمن ابن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة . عن أبي رزين قال " صلى عليٌّ ذات يوم فَرعٌف فأخذ بيد رجل فقدمه ثم انصرف " . أن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعلي وإن صلوا وُحداناً فقد طُعن معاوية وصلى الناس وحداناً من حيث طعن وأتموا صلاتهم . (24) (( من أمَّ قوماً يكرهونه )) جاءت الأحاديث تحظر أن يؤمَّ رجل جماعة وهم له كارهون والعبرة بالكراهة الكراهة الدينية التى لها سبب شرعي ، عن ابن عباس عن رسول الله أنه قال " ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً رجل أمَّ قوماً وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارمان " . عن عبد الله ابن عمرو أن رسول الله كان يقول " ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاةً من تقدَّم قوماً وهم له كارهون ، ورجل أتى الصلاة دباراً ورجل اعتبد محرَّرة " . وقد كره قوم أن يؤم الرجل قوماً وهم له كارهون ، فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما الإثم على من كرهه . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق