بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . مشروعية صلاة التطوع ، شرع التطوع ليكون جبراً لما عسى أن يكون قد وقع في الفرائض من نقص ولما في الصلاة من فضيلة ليست لسائر العبادات ، عن أبي هريرة أن رسول الله قال " إن أوَّل ما يحاسبُ االناسُ به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة يقولُ ربّنا لملائكته وهو أعلم ، انظروا في صلاة عبدي أتَّمها أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئاً قال انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ، ثم تأخذ الأعمال على ذلك " . عن رسول الله " ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما وإن البر ليُذر فوق رأس العبد ما دام في صلاته " . قال رسول الله " استقيموا ولن تُحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " . عن ربيعة ابن مالك الأسلمي قال قال رسول الله " سل " فقلت أسألك مرافقتك في الجنة فقال " أو غير ذلك ؟ " قلت هو ذلك قال " فأعني على نفسك بكثرة السجود " . (2) استحباب صلاته في البيت ،عن جابر أن رسول الله قال " إذا صلى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً " . عن عمر أن رسول الله قال " صلاة الرجل في بيته تطوعاً نور فمن شاء نوَّر بيتهُ " . عن عبدالله ابن عمر قال قال رسول الله " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً " . عن زيد ابن ثابت أن رسول الله قال " صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة " . وفي هذه الأحاديث دليل على استحباب صلاة التطوع في البيت وأن صلاته فيه أفضل من صلاته في المسجد . وإنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد عن الرياء وأصون من مُحبطات الأعمال وليتبرك البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة والملائكة ، وينفر منه الشيطان . (3) أفضلية طول القيام على كثرة السجود في التطوع ، عن المغيرة ابن شعبة أنه قال " إن كان رسول الله ليقوم ويصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه ، فيقال له ؟ فيقول " أفلا أكون عبداً شكوراً " . عن عبد الله ابن حُبشّيٍ الخثعمي أن رسول الله سئل أي الأعمال أفضل ؟ قال " طول القيام " قيل فأي الصدقة أفضل ؟ قال " جُهد المُقلّ " قيل فأي الهجرة أفضل ؟ قال " من هجر ما حرم الله عليه " قيل فأي الجهاد أفضل ؟ قال " من جاهد المشركين بماله ونفسه " قيل فأيُّ القتل أشرف ؟ قال " من أهريق دمه وعقر جواده " . (4) جواز صلاة التطوع من جلوس ، يصح التطوع من قعود مع القدرة على القيام كما يصح أداء بعضه من قعود وبعضه من قيام ، لو كان ذلك في كل ركعة واحدة فبعضها يؤدّى من قيام وبعضها من قعود سواء تقدم القيام أو تأخر كل ذلك جائز من غير كراهة ويجلس كيف شاء والأفضل التربع . عن علقمة قال قلت اعائشة كيف كان يصنع رسول الله في الركعتين وهو جالس ؟ قالت كان يقرأ فيهما فإذا أراد أن يركع قام فركع " . عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً قط حتى دخل في السن فكان يجلس فيها فيقرأ حتى إذا بقي أربعون أوثلاثون آية قام فقرأها ثم سجد . (5) أقسام التطوع ، ينقسم التطوع إلى تطوع مطلق ، وإلى تطوع مقَّيد . التطوع المطلق تقتصر فيه على نية الصلاة . فإذا شرع في تطوع ولم ينو عدداً فله أن يسلم من ركعة وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثة أو مائة أو ألفاُ أو غير ذلك . ولو صلى عدداً لا يعلمه ثم سلم صح بلا خلاف . أن أبا ذر صلى عدداً كثيراً فلما سلم قال له الأحنف ابن قيس هل تدري انصرفت على شفع أم على وتر ؟ قال إن لا أكن أدري فإن الله يدري إني سمعت خليلي أبا القاسم يقول ثم بكى ثم قال إني سمعت خليلي أبا القاسم يقول " مامن عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجةٌ وحطّ عنه بها خطيئة " . والتطوع المقيد ينقسم إلى ما شرع تبعاً للفرائض ويسمى السنن الراتبة ويشمل سنة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وإلى غيره . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .
الحمد لله على نعمة الإسلام .
ردحذف