بسم الله الرحمن الرحيم *** وبعد . . (( قضاء الصلاة )) واجب على الناسى والنائم . قال رسول الله " إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة ، فإذا نسي أحد صلاةً أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها " . والمغمى عليه لا قضاء عليه إلا إذا أفاق في وقت يدرك فيه الطهارة والدخول في الصلاة . ، ان ابن عمر اشتكى مرة غلب فيها على عقله حتى ترك الصلاة ثم أفاق فلم يصل ما ترك من صلاة . عن ابن جُريح عن ابن طاوس عن أبيه إذا أغمي على المريض ثم عقل لم يعيد الصلاة . قال معمر سألت الزهري عن المغمي عليه فقال لا يقضى . عن حماد ابن سلمة عن يونس ابن عبيد عن الحسن البصري ومحمد ابن سيرين أنهما قالا في المغمي عليه لا يعيد الصلاة التي أفاق عندها . وأما التارك للصلاة عمداًفمذهب الجمهور أنه يأثم وأن القضاء عليه واجب . وقال ابن تيمية تارك الصلاة عمداً لا يشرع له قضاؤها ولا تصح منه بل يكثر من التطوع . وقد وفي ابن حزم هذه المسألة حقها من البحث قال وأما من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها هذا لا يقدر على قضائها أبداً فليكثر من فعل الخير وصلاة التطوع ليثقل ميزانه يوم القيامة وليتب وليستغفر الله عزوجل ، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي يقضيها بعد خروج الوقت حتى إن مالكاً وأبا حنيفة قالا من تعمد ترك صلاة أو صلوات فإنه يصليها قبل التي حضر وقتها إن كانت التي تعمد تركها خمس صلوات فأقل سواء خرج وقت الحاضر أو لم يخرج فإن كانت أكثر من خمس صلوات بدأبالحاضرة . قال الله " فويل للمُصلّين الذين هُم عن صلاتهم ساهون " . قال الله " فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعُوا الصَّلاة واتبعُوا الشهوات فسوف يلقون غياً " . فلو كان العامد لترك الصلاة مدركاً لها بعد خروج وقتها لما كان له الويل ولا لقي الغي كما لا ويل ولا غي لمن أخرها إلى آخر وقتها الذي يكون مدركاً لها . وأيضاً فإن الله جعل لكل صلاة فرض وقتاً محدود الطرفين يدخل في حين محدود ويبطل في وقت محدود فلا فرق بين من صلاها قبل وقتها وبين من صلاها بعد وقتها لأن كليهما صلى في غير الوقت ، وليس هذا قياساً لأحهما على الآخر بل هما سواء في تعدي حدود الله ، وقد قال الله " ومن يتعدَّ حدُودَ الله فقد ظلم نفسهُ " . وأيضاً فإن القضاء إيجاب شرع والشرع لا يجوز لغير الله على لسان رسول الله . فنسأل من أوجب على العامد قضاء ما تعمد تركه من الصلاة أخبرنا عن هذه الصلاة التي تأمره بفعلها أهي التي أمره الله بها أم هي غيرها ؟ فإن قالوا هي هي قلنا لهم فالعامد لتركها ليس عاصياً لأنه قد فعل ما أمره الله ولا إثم على قولكم ولا ملامة على من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها وهذا لا يقوله مسلم ، وإن قالوا ليست هي التي أمر الله بها قلنا صدقتم ، وفي هذا كفاية إذ أقروا بأنهم أمروه بما يأمره به الله . ثم نسألهم عمن تعمد ترك الصلاة بعد الوقت أطاعة هي أم معصية ؟ فإن قالوا طاعة خالفوا إجماع أهل الإسلام كلهم المتيقن وخالفوا القرآن والسنن الثابتة . وإن قالوا هي معصية صدقوا ومن الباطل أن تنوب المعصية عن الطاعة .وأيضاً فإن الله قد حدد أوقات الصلاة على لسان رسول الله وجعل لكل وقت صلاة منها أولاً ليس ما قبله وقتاً لتأديتها وآخراً ليس ما بعده وقتاً لتأديتها ، وآخراً ليس ما بعده وقتاً لتأديتها ، هذا ما لا خلاف فيه من أحد من الأئمة فلو جاز أداؤها بعد الوقت لما كان لتحديده عليه السلام آخر وقتها معنى ، ولكان لغواً من الكلام وحاشا لله من هذا . وأيضاً فإن كل عمل علق بوقت محدود فإنه لا يصح في غير وقته ولو صح في غير ذلك الوقت لما كان ذلك الوقت وقتاً له وهذابين وبالله التوفيق . ثم قال بعد كلام طويل ولو كان القضاء واجباً على العامد لترك الصلاة حتى يخرج وقتها لما أغفل الله رسول الله ذلك ولا نسياه ولا تعمدا إعناتنا بترك بيانه " وما كان ربك نسياً " وكل شريعة لم يأت بها القرآن ولا السنة فهى باطلة وقد صح عن رسول الله " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " فصح أن ما فات فلا سبيل إلى إدراكه ولو أدرك أو أمكن أن يدرك لما فات كمالا تفوت المنسية أبداً ، وهذا لا إشكال فيه والأمة أيضاً كلها مجمعة على القول والحكم بأن الصلاة قد فاتت إذا خرج وقتها فصح فوتهابإجماعمتيقن ولو أمكن قضاؤها وتأديتها لكان القول بأنها فاتت كذباً وباطلاً فثبت يقيناً أنه لا يمكن القضاء فيها أبداً ، وممن قال بقولنا في هذا عمر ابن الخطاب وابنه عبد الله وسعد ابن أبي وقاص وسلمان الفارسي وابن مسعود والقاسم ابن محمد ابن أبي بكر وبديل العقيلي ومحمد ابن سيرين ومطرف ابن عبد الله وعمر ابن عبد العزيز وغيرهم . قال وما جعل الله تعالى عذراً لمن خوطب بالصلاة في تأخيرها عن وقتها بوجه من الوجوه ولا في حالة المطاعنة والقتال والخوف وشدة المرض والسفر . وقال الله تعالى " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفةٌ منهم معك " وقال تعالى " فإن خفتم فرجالاٌ أو رُكباناً " . ولم يفسح الله في تأخيرها عن وقتها للمريض المذنف بل أمر إن عجز عن الصلاة قائماً أنه يصلي قاعداً فإن عجز عن القعود فعلى جنب وبالتيمم إن عجز عن الماء وبغير تيمم إن عجز عن التراب فمن أين أجاز من أجاز تعمد تركها حتى يخرج وقتها ثم أمره أن يصليها بعد الوقت وأخبره بأنها تجزئه كذلك من غير قرآن ولا سنة لا صحيحة ولا سقيمة ولا قول لصاحب ولا قياس . ثم قال وأما قولنا أن يتوب من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها ويستغفر الله ويكثر من التطوع فلقول الله تعالى " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصَّلاة واتَّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيَّاً إلاَّ من تاب وآمن وعمل صالحاً فأُولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون شيئاً " . ولقول الله تعالى " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلمواأنفُسهم ذكُروا الله فاستغفروا لذنوبهم " . ولقول الله تعالى " فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شراً يره " . وقال الله تعالى " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً " . وأجمعت الأمة وبه وردت النصوص كلها على أن للتطوع جزاءاً من الخير الله أعلم بقدره وللفريضة أيضاً جزء من الخير الله أعلم بقدره . فلابد ضرورة من أن يجتمع من جزء التطوع إذا كثر ما يوازي جزء الفريضة ويزيد عليه وقد أخبر الله تعالى أنه لا يضيع عمل عامل وأن الحسنات يُذهبن السيئات . (( آخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق